ما سبب تأرخ التقويم الهجرى..ومناسبته..ومايستفاد من الهجرة؟
من الذى وضع التقويم الهجرى؟
بدأ التقويم الهجرى فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب"رضى الله عنه" فى عام17 هجريا.
اذا الذى وضع التقويم الهجرى هو "عمر بن الخطاب"حين ورده خطابا من أمير البصرة"أبوموسى الأشعرى"وقال له:ياأمير المؤمنين تصلنا منك خطابات غير مؤرخة ولاندرى ماالمتقدم من المتأخر وبعد أن وصله هذا الكتاب بعده بأيام أتاه رجلان يشكى أحدهم صاحبه ومحتولى هذه الشكوى(أن الرجل الشاكى يشتكى صاحبه بأنه حل عليه موعد الدين فى شهر شعبان؛ولم يؤدى ماعليه من دين فقال له:أمير المؤمنين"عمربن الخطاب" هل معك كتاب بهذا الدين؟فأتى بالكتاب فاذ به بأن فلان بن فلان عليه دين لفلان بن فلان يسدده فى شعبان فقال:"عمر فى أى شعبان؟(شعبان الماضى أم شعبان هذا أم شعبان القادم؟)لأن صاحب الدين كان يقول بأن موعد السداد هو شعبان هذا بينما المدين كان يرى أن موعد السداد هو شعبان القادم.
فماذا فعل أمير المؤمنين بعد ذلك؟
جمع بعض الصحابة وقال لهم أرخوا لأمتكم فقال بعضهم:نؤرخ كما تؤرخ الفرس؛وقال بعضهم:نؤرخ كما تؤرخ الروم.فرفض عمر كلا الرأيين لأنه يريد لهذه الأمة أن تكون مستقلة ولاتكون تابعة لأحد.
فقال بعضهم: اذا نؤرخ بوفاة النبى؛وقال البعض:نؤرخ بهجرة النبى وتصبح هجرة النبى هى سنة واحد فكان هذا الرأى هو رأى أغلبية الصحابة والتابعين الذين حضروا هذا المجلس العمرى.
لماذا وافق الأغلبية بهذا الرأى؟وهو أن التاريخ الهجرى يكون بهجرة النبى
لأن الهجرة حادث فريد وحادث عظيم فرق الله سبحانه وتعالى به بين الحق والباطل وأصبح للاسلام قوة وشوكة؛وأصبح له دولة وكان سببا فى نشر الاسلام بعد ذلك.
وبعد أن استقر الأمر على اختيار الهجرة بأن تكون بداية للتاريخ الاسلامى كان هناك أمر اخر ألاوهو:
ماذا تبدأ تلك السنة بأى شهر؟اذ أن العرب عندهم شهور هلالية وقمرية لكن لم تكن عندهم سنوات؛وكانوا يسمون السنوات بالأحداث الشهيرة والعظيمة التى كانت تحدث خلال هذه الأشهر فكانوا يسمون مثلا عام الفيل وعام الحزن....الخ.
عمر بن الخطاب قال لأصحابه والجالسين معه:نبدأ السنة بأى شهر؟
فقال بعضهم:نبدأ السنة فى شهر ربيع الأول وهو الشهر الذى وصل فيه النبى الى المدينة.وهنا نصحح خطئا شائعا :وهو أن كثير من الناس يعتقدون أن الهجرة كانت فى محرم؛ولكن حقيقة الأمر أن النبى "صلى الله عليه وسلم"خرج من مكة فى أواخر شهر صفر ووصل فى الثانى عشر من ربيع الأول الى المدينة.
وقال البعض:نجعل السنة تبدأ بشهر رمضان فهو من أعظم الشهور وفيه عبادة من أجل العبادات وهى"الصيام"ويأتى بعد شهر شعبان الذى ترفع فيه الأعمال الى الله سبحانه وتعالى.
وقال سيدنا "على بن أبى طالب"ياأمة المؤمنين نجعل السنة تبدأ بالمحرم لأنه من الأشهر الحرم ولأنه هو الشهر الثانى لموسم الحج؛والعرب كان عندهم تشوش فى الشهور؛لكنهم عند موسم الحج تجدهم يعلمون موعد الحج فكانوا يعلمون متى يبدأ ومتى ينتهى؛وكان عندهم المحرم هو أول شهر يأتى بعد موسم الحج؛وكان صفر هو أول شهر يأتى بعد موسم الحج وهو الشهر الذى كانت تنسأه العرب؛فالعرب اذا أرادوا أن يغدروا ويسفكوا الدماء كانوا يعقدون مؤتمرا لهم فى نهاية موسم الحج ويقولون أنسأنا هذا العام؛بمعنى:جعلنا السنة تبدأ بصفر ولم تبدأ بالمحرم لأن صفر ليس من الأشهر الحرم ؛لكن المحرم من الأشهر الحرم.
واذا أرادوا أن يحافظوا على عهودهم ومواثيقهم كانوا يقولون نحن لم ننسأ هذا العام فكانوا يتركون السنة تبدأ بالمحرم؛اذا ينبغى علينا أن نعلم أن التقويم الهجرى هو تقويم قمرى يبدأ فيه الشهر وينتهى من خلال رؤية الهلال أواختفائه وهو تقويم دقيق من حيث الشهور.
يستفاد من الهجرة:
الأخذ بالأسباب؛فالأخذ بالأسباب سنة من سنن الله الكونية التى لاتتبدل ولاتتغير؛فالله سبحانه وتعالى يقول:(وجعلنا لكل شئ سببا)وذو القرنين لما أراد أن يؤسس دولة شملت مشارق الأرض ومغاربها أتبعسببا فأتبع سببا ثم أتبع سببا كما قال الله تعالى فالأخذ بالأسباب ضروة للنهوض وللتقدم والرقى ؛فاذا سقط مسلم وكافر فى وسط الماء فمن الذى سينجو؟
الذى سينجو هو الذى تعلم السباحة حتى ولو كان كافرا ؛فسنن الله الكونية لاتحاذى أحدا عن الاخر لمجرد دينه أو لونه.
فالنبى لما أاد أن يهاجر أخذ بالأسباب التى تعينه على الهجرة ومنها:
أنه عقد بيعة العقبة الأولى؛وأعقبها ببيعة العقبة الثانية؛وأرسل لأهل المدينة "مصعب بن عمير"ليكون أول سفيرا فى الاسلام؛ولكى يطلعه على كل ماهو جديد قبل أن يهاجر؛ثم بعد ذلك حث أصحابه على الهجرة فهاجروا قبله؛ثم اختار"أبو بكر الصديق" ليكون صاحبا له ورفيقا له فى هجرته؛ثم طلب من الامام على أن ينام فى فراشه؛وجهز راحلتين لتلك الهجرة ؛واحدة للنبى وواحدة لأبو بكر؛ثم استعان بدليل خبير عليم بمسالك العرب ودروبها وهو"عبدالله بن أريقط"رغم أنه كان كافرا استعان به النبى وهذا فيه دليل على أنه يجوز للمسلمين أن يستعينوا بغير المسلمين اذا كانوا أمناء واذا كان فى هذا الأمر رفعة للدين ورفعة للانسانية ورفعة للمصلحة العامة ؛ثم ذهب الى غار ثور واختبئ فيه ثلاثة أيام؛ثم بعد ذلك واصل المسيرة حتى وصل المدينة فى الثانى عشر من ربيع الأول فى السنة التى تبدأ ب1 هجريا.
اذا التقويم الهجرى لم يوضع فى عهد النبى وانما وضع بعد عهد النبى فى عهد أمير المؤمنين"عمر بن الخطاب".
النبى "صلى الله عليه وسلم"قبل فتح مكة قال:(من لم يهاجر فليس منا)؛ولكن بعد أن فتح مكة قال:(لاهجرة بعدالفتح؛ولكن جهاد ونية)؛فهذا الحديث استطاع فيه النبى أن يحول لنا مفهوم الهجرة من الهجرة المكانية الى الهجرة التعبدية.
فالهجرة كما قال:"العزيز بن عبدالسلام"سلطان العلماء :
هجرتان:هجرة الأوطان؛وهجرة الذنوب والمعاصى فالذى يريد أن يهجر أخلاقه الفاسدة ؛فعليه أن يهجر قطيعة الأرحام ؛وعليه أن يهجر الاساءة الى زوجته وأبنائه؛وعليه أن يهجر كل ماهو شر الى كل ماهو خير.
ومن أراد أن يهاجر أيضا:عليه أن يجاهد بالعمل ؛ويجاهد فى تحصيل الرزق ؛ويجاهد فى طلب العلم ونشره فى مشارق الأرض ومغاربها؛ويجاهد فى اصلاح نفسه؛ ويجاهد فى كفالة الأيتام.